الحرب بين الكلب والبرغوث


الحرب بين الكلب والبرغوث



بداية , كلنا يعرف ماحدث مع جنودنا في كمين كرم القواديس في الجمعة الموافق 24 من أكتوبر 2014 , وهذا المقال هو أسلوبي الخاص في الرثاء , رثاء بالعلم والمعرفة , وبحثا عن الحقيقة , التي قد يراها البعض حقيقة مطلقة , أملك زمامها بما أستطيع تعلمه , وبما أستطيع أن انقله لغيري , ويبقي في النهاية الحق في الكلمة , وكلمة الحق.
حرب العصابات:
إصطلاح نسمعه من الكثيرين في أوقات ومناسبات كثيرة , لكن الكثيرين أيضا لا يعرفون ماهية الإصطلاح حينما يكون تطبيقا علي ارض الواقع , فتاريخ حرب العصابات قديم قدم الجيوش ذاتها , فمن صن تزو وحتي اليوم , تستخدم حرب العصابات الفارق الوحيد أنها اليوم أصبحت علما يدرس , وتكتيكا , بل وإستراتيجية , يستخدمها الكل.
وهي إن أردنا تعريفا شاملا لها فقد يكون أنسب ما يقال أنها الحرب الصغيرة , وهي تلك الحرب التي يملك فيها طرفا مصادر وموارد بأكثر مما يتحمله الطرف الأخر في شكل حرب نظامية. وهي أيضا في تعريف اخر مواجهة بين إستراتيجيتين إحداهما ضعيفة والأخري قوية. تعريفات كثيرة لكنها كلنا تضعنا امام مجموعة من الحقائق التي أري انه لابد من أخذها في الإعتبار.

أولا : الهدف السياسي والعسكري.

لابد وان يكون لكل من الطرفين هدفا سياسيا وهدفا عسكريا , وفي أغلب الدروس المستفادة وخصوصا في العصر الحديث هي فيتنام , وكوبا , وأفغانستان , ففي فيتنام مثلا , كان هنالك حربين , الحرب الفيتناميه الفرنسية , والحرب الفيتنامية بين أمريكا وروسيا والتي قسمت البلاد إلي قسمين أحدهما تابع للمعسكر الروسي الشيوعي , والثاني يتبع المعسكر الغربي مثمثلا في أمريكا , وكلا الحربين كان الأساس فيها حرب العصابات , وكان هنالك طرف قوي يسعي للهيمنه علي طرف أكثر ضعفا منه.

ثانيا : الدعم المحلي او المدني

لابد للطرفين أن يضمنا دعما محليا مدنيا , والطرف الأكثر حاجة لهذا الدعم هو الطرف الذي يتبني حرب العصابات , لان الجيوش تحمل في الغالب ماتحتاج اليه وتتحرك بخطوط مواصلات مترابطة بما يضمن توافر الدعم اللوجيستي بين المقدمة والمؤخرة.

ثالثا : التأسيس

كلا من الطرفين لابد وان يؤسس قواته علي محورين , أحدهما مدني والأخر عسكري , بمعني أن يتوافر عناصر مدنية تخترق المجتمع , الذي تدور فيه الحرب , وكذلك يكون له القوة العسكرية التي تضمن له نتائج المعارك والحرب.

رابعا : الإستنزاف

هذه هي المرحلة التي تسمي بالكر والفر , او البرغوث والكلب , وهي ببساطة شديدة يعمد فيها كل طرف في إستنزاف الطرف الأخر , هذا لو كان الطرفان يعتمدان حرب العصابات , لكن في حالة أحد الطرفين هو الذي يعتمد حرب العصابات والأخر يمتلك القدرة العسكرية (مثال أفغانستان وروسيا) فالذي إستخدم أسلوب البرغوث والكلب هو الجانب الأفغاني فيما عرف بالمجاهدين , فالبرغوث في مواجهة الكلب مباشرة لن يتحمل , ولكن إذا أختفي في وسط الشعر الكثيف للكلب , فإنه سوف يجهده , يلدغ وينتقل إلي مكان أخر وفي ذات اللحظة يخمش الكلب جلده بأظافره بحثا عن البرغوث الذي في الغالب سيكون قد انتقل إلي بقعه اخري بما يؤدي في نهاية الأمر إلي إنهاك الكلب إستعدادا للمرحلة الأخيرة وهي

خامسا : الحسم

وفيها تتحول الحرب إلي حرب فاصلة , من حرب كر وفر إلي حرب تقليدية كبري تتحول فيها النتائج لصالح المنتصر.
هذا إختصارا مايقوله العلم عن حرب العصابات , وهذا إختصارا أيضا ما يحدث في سيناء , إستخدم أيها القاريء عقلك كيفما شئت , فانا جيش هناك يخوض معركة ضروس مع عصابات صنعت لها أهدافا سياسية وعسكرية , وغرضها هو تفتيت وإجهاد وإستنزاف الجيش المصري في هذه البقعة الغالية , حتي يأتي يوم تستحوذ إسرائيل مرة أخري علي سيناء , بدعم جوي أمريكي غربي , لكي نعيش ونري حلم الإسرائيليين من النيل للفرات.
هذا هو الغرض مما يحدث في سيناء , وإياك أن تظن وتحسب وهما أن من يحاربون جيشنا , لهم قضية , فكل مايدعونه هو غطاءا سياسيا , الغرض منه الرئيسي هو إما تحييد المدنيين الذين يعيشون في سيناء , او كسب تعاطفهم. هل فهمت لماذا لم يدك الجيش الرض بمن فيها , حتي لا يعطي لأحدا ما سببا للتعاطف تحت عنوان المظلومية , هل فهمتم لماذا صبر الجيش وقياداته وتقبل الخسائر في صفوفه , حتي يفيق أحدهم ويقول هنا أري برغوثا.
علاء سعد
خبير وإستشاري نظم المعلومات
كاتب وباحث في الإستراتيجية والأمن القومي 
رابط المقال الأصلي 

تعليقات