الغواصة المصرية قادر 75




الغواصة المصرية قادر 75
يكتبها : علاء سعد
يعلو صوت القبطان من قمرة القيادة يبلغ أوامره لرئيس الطاقم الذي بدوره يبلغة لغرفة المحركات
اغطس 20 متر  السرعة  20 عقدة , إتجاه 34 درجة شمالا
, فيعيد رئيس الطاقم أوامر القبطان  عبر الهاتف إلي غرفة المحركات
القبطان يمعن النظر في المنظار فيري البارجة المعادية وهي تتجه لموقع الغواصة ثم يقول فيعلم ان البارجة قد رصدت الغواصة , ويحدث نفسه تبا لتلك الغوصات التقليدية التي تجبرك كل فترة للصعود للسطع من أجل الهواء , لم يكن ليستطيع ان يتسخدم بطاريات الأوكسجين الإحتياطية , فهي اخر امل , ولا تستخدم إلا في حالات محدودة , فكان القرار النهائي بالصعود , وقد حدث مايخافه , فقد رصدتهم البارجة , وهي ليست وحيدة كما أظهر السونار , بل هي مصحوبة بعدد من الفرقاطات , ولم يكن يستطيع ان يطلق أي طوربيدات خوفا من رصد الغواصة وهي علي السطح , ولكن كل مخاوفه تحققت.
ثوان معدودة , اخذتها تلك الأفكار , ثم يصدر أوامره  بالغوص إلي مسافة  75 مترا , ثم إطفاء المحركات وعدم اصدار اي صوت فالبارجة تمر من فوقهم الأن , تمر الثواني , فإذا بعامل السونار يشير للقبطان بأن البارجة المعادية قد وقفت فوق موقع الغواصة وأطفأت محركاتها هي الأخري.
وهاهي اللعبة قد بدأت , لعبة الصبر , وعض الأنامل , البارجة تستطيع ان تقف ساكنة بلا حراك ساعات بل وايام , اما هو فلا يستطيع.
تلك اللعبة التي يحال كل طرف فيها من , عن طريق إستخدام إسلوب الصمت التام , انه لم يعد في مكانه , وانه استطاع الهرب.
تمر الدقائق , والساعات , وعامل السونار يؤكد في كل دقيقية بالإشارات انه لا يسمع أي صدي للصوت سوي أصوات الدلافين والحيتان , حتي يسقط , من أحد أفراد طاقم الغواصة كوبا  علي أرضية الغواصة , فيدرك القبطان ان اللعبة أنتهت , وانه قد بدأ للتو في المواجهه , فيأمر بالإنطلاق باعلي سرعة والغوص لأقصي مدي الغواصة , وتبدأ مع أوامره في نفس الوقت أوامر قبطان البارجة , بإطلاق قنابل الأعماق , وينطلق صوت عامل السونار , قنابل أعماق , لكي يتشبت الجميع بأي شيء صلب , وتتوالي الإنفجارات , القنبلة تلو الأخري , وفي نفس الوقت تتوالي تقارير أطقم الغواصة , عن حالة الغواصة والبدن , وتتوالي أيضا أوامر القبطان , وتتزامن معها أوامر قبطان البارجة , فكلما غير من أتجاهه , غيرت السفينة  من أتجاهها , لا يستطيع الهرب منها , وهي لن تتركه يهرب.
ثم , أنفجار قريب من البدن , يؤدي لتصدع احد أقسام الغواصة , ويبدأ الماء في التسرب , ويخرج معه هواء الحياة , يأمر القبطان الجميع بالعمل من أجل سد التسرب بأي شكل , لكن الماء يرتفع بسرعة , ليس تسريبا وحسب , بل إندفاع من فجوة كبيرة , سببتها قنبلة الأعماق , الوقت المقدر دقيقة , لابد من أن يتخذ القرار , لحظات من الصمت , كم عدد الرجال , ستة يأفندم , فيقول القبطان  بصوت مرتفع , أصعد للسطح , فلا يردد الرئيس الأمر , فيعيده القبطان , فلا يجد أي صدي لدي رئيس الطاقم وهو الرجل الثاني في تراتيبية القيادة , يافندم , لا نستطيع ذلك , فهذا يعني الإستسلام , او الموت لنا جميعا , يرد عليه القبطان أصدر الأمر ياريس , لا أستطيع ياقبطان , لا يوجد وقت , فيصرخ الرئيس بأعلي صوته , أنا أعزلك من مهامك لتعريضك مهمة الغواصة للخطر , أعزلوا القبطان في غرفته.
ويصدر القبطان الجديد أوامره , أغلق القسم المصاب , فيغلق الرجال علي وزملائهم , والبعض فيهم لا يعجبه مايفعل , بل ليس مقتنعا بما يفعل , والبعض الأخر يفهم ويؤيد , ويناور القبطان الجديد , حتي يهرب من موقفه , إلي موقف جديد يستطيع فيه أن ينتصر.
مات الستة غرقا , لكي تبقي قادر 75 , ولكي تستطيع إكمال مهمتها
هل لديك شك , بأن الرئيس صنع إنقلابا , هل لديك شك بأن القبطان هو الرئيس الشرعي , هل لديك شك , بأن صاحب الإنقلاب قاتل.
إن لم يكن لديك أي شك , فأعلم انك بالفعل قد غرقت , انت وكل من معك , لكن بفضل هذا القرار الجريء
إنتصرت قادر 75 في معركتها , وأغرقت البارجة , ومنعت الحلفاء من إنزال جنودهم علي شواطئنا.
أيها الشباب , هذه هي القيادة , القيادة قرار , قرار حاسم , في لحظة حاسمة , لا يوجد لديك الوقت للتفكير , لابد من إتخاذ قرار في بعض الأحيان في أجزاء من الثانية وإذا كان القائد محظوظا , ففي أجزاء من الدقيقة.
وللقبطان الجديد نقول , تأكد إنك سوف تتعرض لمثل هذه القرارت طالما انك في موقع القيادة , وإن فقدت هذه القدرة , فسيقوم رئيس جديد بما قمت به من قبل , فإما ان تكون قائدا , او تتخلي عن مقعد القيادة لمن يستطيع , حتي لا يعزلك الطاقم , او الشعب او من تقودهم

رابط المقال الأصلي


علاء سعد
خبير وإستشاري الإستراتيجية والأمن القومي

تعليقات