باشاوات وغلابة



باشاوات , وغلابة

حقا وصدق من قال , من تنازل عن حريته من اجل أمنه , فلا يستحق لا أمنه ولا حريته
تعليقا علي التحقيق الذي نشر بالفجر , بخصوص ماحدث مع إسلام الكحلي الصحفي
لقد قرأت التحقيق الصحفي الذي حكي فيه الأستاذ إسلام الكحلي عن رحلته داخل القسم لمدة 12 ساعة , والتي أحتجز فيها نتيجة إشتباه الشرطة لتواجده في محيط الإشتباكات مع عناصر الأخوان هو ومن معه في السيارة , تم إقتيادهم لقسم الشرطة , وروي لنا الأستاذ إسلام واحسب ان كل ماقاله حقيقة , لان هذه هي طبيعة الإحتجاز داخل أقسام الشرطة , إهانات وشتائم , وأسوأ معاملة يمكن أن يعاملها كائن حي , معاملة تفقده أي إحساس بالكرامة , او بالعزة داخل وطن قد يكون يعيش فيه وليس وطنا نعيش فيه.
وما حدث مع الصحفي الشاب ,وما رواه عن سوء المعاملة , دليلا لا يحتاج إلي أي إثبات من أن التعامل الشرطي مع الأزمة الحالية هو السبب الرئيس فيما مرت به مصر من أزمات , فخروج الناس في أيام 25 إلي 28 يناير كان مشهدا ثوريا علي كل مظاهر الظلم في الشارع المصري , سواء أكان ظلما بينيا , أي بين الناس وبعضهم أو ظلم النظام القائم لحقوق الغلابة , وكرامة المواطنين.
وقد سمعت بأذني وليس بأذن الأخرين احد لواءات الشرطة علي إحدي برامج الراديو وهو يصرخ ويقول أرجوكم يجماعة سيبوا الشرطة في حالها , الشرطة فيها اللي مكفيها , وفي نفس الوقت , نجد امناء الشرطة وأفرادها من غير طبقة الضباط وهي تقوم بالوقفات الإحتجاجية يوما بعد يوم , وفي نفس الوقت , يظهر تسريبات فيديوهات تقوم فيها الشرطة بإطلاق النار مباشرة علي معتقلين لم يفعلوا أثناء إعتقالهم إلا رفع أيديهم علي رؤسهم إتقاء الضرب , فقاموا بإطلاق النار عليهم , ومابين كل هذا وذلك , نسمع صرخات المواطنين تحت جبر تهديد السلاح والسرقة العلنية بالإكراه في الشارع , ولا نري شرطيا واحدا يستطيع ان يقف في وجه هذه البلطجة.
مظاهر كثيرة , لا تختلف عن ما كان يحدث قبل ثورة يناير , وإعادة إستخدام نظريات بوليسية أكل الدهر عليها وشرب , تعتمد علي القهر والتخويف , ورعب الغلابة , حتي يتمكن الباشا من تعليق الدبورة بجانب أختها , مشكلا في نهاية خدمته سجلا من الأيقونات التي لا تعني شيئا للغلابة إلا رمزا للظلم ورمزا فجا للفشل.
أيها السادة من ضباط الشرطة المتعلمين , الواعين , المثقفين , الذين يدركون معني كلمة وطن
إن الأمن لا يتحقق يوجودكم , ومن يحسب أن البوليس يستطيع ان يحفظ أمنا فعذرا  فهو في حاجة لإعادة التعليم  , لأن الذي يحفظ الأمن هو إدراك المواطن العادي بالمخاطر التي تحيط بوطنه , وما دور الشرطي او البوليس في الأساس إلا في تأسيس قيمة متابعة الجريمة , والبحث عن المجرمين ليسيت عملا من أعمال القوة , في العصر الحديث ولكنه عمل من أعمال المعلومات , وعمل من أعمال الذكاء .
وإن كنتم في حاجة إلي دليل , فلا دليل أكبر من ما حدث لوزارة الداخلية بعد يوم 28 يناير , فالنظام بكامله إنهار في ساعات , وفي نفس الوقت مقارنة الصورة مع ماحدث مع الجيش فبمجرد نزوله إلي الميدان , خرجت شعارات الجيش والشعب إيد واحدة , وتأسست محبة الشارع للجيش الذي يحمي الوطن , بصورة أكثر مماكانت عليه , حتي أن هذه الصورة لم تهتز كثيرا ولم تتأثر بما شابها من محالات للنيل من الجيش في فترة حكم المجلس , وقد حاولتم انتم بأنفسكم أن تلصقوا الشرطة في الصورة ,وقبل الشعب ذلك وقبل بشعار الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة , لكن الشعب وهو الأساس في كلا الشعارين , لم يقبل ذلك هبلا أو غباءا , بل هو أرسل لكم رسالة , وهي بسيطة لمن يريد أن يقرأ , إنكم إن أردتم أن تعودوا فعليكم ان تبنوا مكانتكم بالعمل الحقيقي الجاد الذي يصب في مصلحة المواطن , هذا المواطن الذي يمكن تعريفه وببساطة أنه هو الأمن القومي لهذا البلد.
إن المعتقلين , ومن يتم القبض عليهم مجردين من كل شيء في الاساس , فهم حتي وإن كان منهم الظالم واللص والبلطجي والإرهابي , ففيهم من يؤخذ بظواهر الأمور , وبسذاجة التحليل , وبعقلية فرد الأمن الذي هو في أحسن حالاته يجيد القراءة والكتابة ولكنه لا يقرأ ولا يتم تطويره , ومعاملة المقبوض عليهم , بمثل هذا الشكل لن تخلق شيئا إلا مزيدا من الحنق والغضب , فناهيك عن الحياة التي تزداد صعوبة يوما بعد يوم , وان هذا المواطن يقتطع من رزقه ورزق أبناءه حتي يصبح هنالك بشاوات ينعمون في رغد العيش , بشاوات أصبحوا اليوم يخافون من الموت في سبيل هذا الوطن وهم لا يعلمون أن هذا الموت هو شهادة في سبيل الله , اللهم إلا من رحم ربي.
وأخيرا , إلي أبانا الذي في المخابرات كما يحلو لشباب الفيس بوك مناداته , ألم يحن الوقت لكي نبني مصر الحديثة أم ان مصر لا تستحق البناء من وجهة نظركم  , عموما لو لم تبنيها , سيأتي لها من يبنيها.
علاء سعد
رئيس مصر القادم لأجلك

تعليقات