القوة الناعمة في مواجهة القوة العسكرية


القوة الناعمة في مواجهة القوة العسكرية
حروب الجيل الرابع , إصطلاح يعرفه جيدا العاملين في مجال الإستخبارات , لأانه في حقيقة الأمر ليس جديدا عليهم , فحروب الجيل الرابع تستند علي الوعي , او تلخيصا من دون إنقاص , هي حرب المعلومات. لم تكن جديدة علي أجهزتنا الإستخبارية فهي تعمل دائما بناء وإستنادا علي المعلومات , والمعلومات لها دورة حياة , فهي تبدأ بقصاصات وتنتهي بتقديرات يتخذ بناء عليها العديد من القرارات المهمة.
لكن الجديد في حروب المعلومات , انها أصبحت لا تستهدف أجهزة المخابرات وحدها , بل أصبحت تستهدف المواطنين العاديين , الذي قد يصعب عليهم فهم وإستيعاب دورة المعلومات كاملة , فالمواطن لا يملك ما تملكه أجهزة الإستخبارات من طرق وحيل وادوات للكشف والبحث عن الحقيقة وسط الخضم الهائل من المعلومات الزائفة مع بعض المعلومات الحقيقة , فهذا هو جوهر الإستخبار , القدرة علي الوصول للحقيقة , فمابالنا نحن بالمواطن العادي الذي يتصارع عقله مطحونا بينالإشاعة في الشارع , والخبر في الصحف , والمقال علي الإنترنت , وبرامج التوكشو وغيرها من أدوات الميديا التي تصل إليه حتي من دون طلبه في شكل رسائل البريد الإلكتروني الموجهه.
إذن نخرج بسؤال أحسب أنه أن الأوان له , ولابد علي أجهزة الدولة أن تعمل من أجل حل هذه المشكلة , مشكلة يتعرض لها المواطن الذي هو بمفاهيم تعريف الأمن القومي الشامل ونظرياته الحديثة الأساس في الحكم علي نظام الدولة بكامله , فهو المستهلك لجميع الخدمات بداية من خدمات المخابرات العامة ونهاية بعمال النظافة في الطرق والشوارع. هو المستهلك وهو الحكم , بيده نهاية الأمر وبدايته , فهو يملك ويتحكم , حتي وان اختلط الأمر عليه , وهذا هو مايراهن عليه العدو , في نهاية المطاف.
فالمواطن الفاهم الواعي لذاته ومحيطه , قادر علي أن يتعرف علي الحقيقة ويتشممها , تماما كأجهز المخابرات , فهو يملك القدرة علي الوصول إلي مكان الخبر وتحري الدقة فيما يصل إليه , والأهم من ذلك كله ,إذا أتسم بالوعي الكافي , هو أن يسمح بماذا ومتي للوصول إلي عقله.
ومن أهم العناصر التي تحقق الإنسجام الإجتماعي لدي المواطن , هو مدي ثقته في النظام , ففي حالة تواجد الثقة بشكل او أخر, يستطيع المواطن أن يتفتح عينيه وأذنيه بل وعقله إلي مصدر الثقة , وبطبيعة الحال إذا لم تكن الحكومة مصدرا للثقة فسيفتح أدواته كلها إلي كل من يقع علي الطرف الأخر من الدولة  , وهذا ماتراهن عليه أجهزة الإستخبارات التي تحارب مصر , تراهن علي قدرتها في تحويل المواطن من حالة الثقة إلي حالة الشك ومنها إلي حالة الرفض المطلق الغير مؤيد بالحقيقة لكل ما يأتي من ناحية الدولة.
إننا نحتاج من أجهزة مخابراتنا في هذه اللحظة , عملا إستثنائيا , يعيد ثقة المواطن في دولته , والأهم في وطنه
فمهما كانت قدرة جهاز المخابرات , فهي تصبح غير ذات جدوي حينما يخرج المواطن من معادلاتها ومن حساباتها.
فحالات الظلم بالأمس كانت فردية , أما اليوم فهي ليست كذلك ويسلط عليها الضؤ بأكثر مماينبغي , فتتحول تدريجيا إلي حالات جماعية وإتجاه عام يقضي علي كل محاولات النظام الحاكم في حل أي مشكلة.
بأختصار , وبتشبيه لا يقصد منه الإسفاف , مخابراتنا تشبه من يحمل دلوا به عدد هائل من الثقوب , وتحاول جاهدة أن تفرغ بذلك الدلو الماء من المركب , ومع كل محاولة منها , يعود الماء من الثقوب مرة أخري إلي المركب , ولا يسقط في النهر إلا القدر الذي لا يسمح للقارب بالغرق , وفي نفس الوقت مازال يحمل أضعاف وزنه من الماء.
علاء سعد
خبير وإستشاري نظم المعلومات
رابط المقال الأصلي 

تعليقات