السيسي وزوار منتصف الليل


السيسي وزوار منتصف الليل
                       
                        

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إن ولائى لله والوطن، وأنا لا أباع ولا أشترى , قال هذه الجملة في الرابع من ديسمبر 2014 , في إفتتاح عدد من مشروعات القوات المسلحة , قالها السيسي وأحسب أنها قيلت بلا مناسبة واضحة طبقا لماورد في إفتتاحية جريدة الأهرام , فهي لم تأت في سياق إجابة عن سؤال ولا توضيح لشيء بعينة , ولقد أتت في سياق الحديث, ولائي لله والوطن ولا أباع ولا أشتري
وإذا كنا جميعا , نعلم وأولنا الرئيس السيسي , بحجم التهديدات التي تتعرض لها مصر , وطبيعتها , فما الذي دفع السيسي لكي يقول أن ولائه لله والوطن , وأنه لا يباع ولا يشتري , هل يذكرنا بماسبق , أم أنه يرسل رسالة إلي أحد ما علي الملأ.
فالرابع من ديسمير , سبقه  مجموعة من الأحداث المهمة , فمنذ عملية كرم القواديس , ويليها , عملية اللنش البحري , والدعوة إلي تظاهرات تحت عنوان إنتفاضة الشباب المسلم , والتي إستنفرت الدولة في جميع ربوع مصر , جيشا وشرطة وشعبا , وخصوصا ماصاحبها من رد فعل للمصريين من إحجام عن النزول للشوارع  إعلانا منه انه قد فهم اللعبة وانه لن يضحك عليه مرتين بإسم الدين , ثم أحكام البراءة علي مبارك , ومحاولات التظاهر التي مالبس ان تفل فيها أعضاء عصابة الإخوان , كل هذه الأحداث , وصلت لنهاية محتومة , أن الدولة حتي الأن مازالت قادرة علي الصمود أمام التحديات التي تطرح أمامها , لكن يبقي شيئين مهمين للغاية , الأولي هو إنتشار إستقصاءات الرأي علي الصفحات التابعة لعصابة الإخوان , والتي تلمح إلي القبول بعدم عودة المخلوع محمد مرسي , في مقابل  خروج أعضاء العصابة من السجون وعزل السيسي وغيرها من خزعبلات العصابة , وتزامن تلك الإستقصاءات , مع الدعوة التي أطلقها الهارب مزور التوكيلات (بحكم قضائي) أيمن نور , كل هذا يشير إلي أن السيسي جري عليه مايجري لحكام دول العالم الثالث , من زوار منتصف الليل , كما يقول أنجيلوكودفيلبا في كتابه الشهير المخابرات وفن الحكم.
فالأحداث حتي الثالث من ديسمير تؤكد بمالايدع مجالا للشك , ان هنالك أطرافا دولية تسعي , تارة بإسلوب الدبلوماسية , وتصالح المصالح , وتارة بإستخدام أساليب التهديد والوعيد , مع الإدارة المصرية , ضغطا وترغيبا , كي تقبل بعودة  الجماعة الغير شرعية إلي الحكم مرة أخري , في مقابل وعود باشياء هي في حقيقة الأمر لاتغني ولا تثمن من جوع , لكنها مغلفة وبكل تأكيد بواقع التهديدات والعمليات الإجرامية والإرهابية.
ويأتي السيسي , ردا علي كل ذلك في الرابع من ديسمير الماضي , ويعلن, بأن إسلوب الترغيب , والمكافأت , لن يثمر فالرجل لايباع ولا يشتري , وأن إسلوب التهديد لن يجدي فتيلا مع من يكون ولاؤه لله والوطن.
وكذلك يأتي رد زائر منتصف الليل  , أو قل ردوده علي قولة السيسي , في نفس اليوم بنشر التسريبات المنسوبة للواء ممدوح شاهين , ثم يليها بعد ذلك بيومين في السادس من ديسمبر 2014 , بإعلان السفارة الأمريكية تعليق الأعمال , وغلق السفارة , ويتبعا بيوم السفارة البريطانية ثم الألمانية والكندية.
البعض , قد لايصدق حقيقة زائر منتصف الليل , لرئيس الجمهورية
والبعض , قد يتهم أبانا الذي في المخابرات بتلفيق كل مايحدث
والبعض الأخر , يري ويسمع ويتابع وهو يعلم , إننا نخوض حربا ضروس
حربا , من أجل البقاء , ولكن الحرب هذه المرة , ليست حرب سلاح ومعدات , ولكنها حرب معلومات في المقام الأول
إنني أشفق علي أجهزة مخابراتنا , مما يحيط بها , وما تعانية , وأكاد أتخيلهم وهم يتصارعون مع المعلومات , والتسريبات والتهديدات صراعا فرض عليهم في توقيت لم يختاروه , وفي أرض لم يتوقعوها , وفي زمن إختلطت فيه معاني الوطنية بالعمالة , والإيمان بالكفر , فأصبح زمن الخداعات ,كما سماه رسول الله صلي الله علية وسلم.

علاء سعد
كاتب وباحث في الإستراتيجية والأمن القومي

تعليقات